بنوك المعطيات وتقنيات الاتصال المتطورة
الدكتور/ المصطفى بودي (*)
مقدمة
لقد جاء الأوان لكي تحتل لغتنا العربية بجماليتها وبلاغتها المكان المتميز اللائق بها عبر تقنيات الاتصال التي يشهدها العالم في الوقت الحاضر. خاصة وأن أهمية الثقافة واللغة تقاس بما تقدمه من خدمات ومعلومات. والهدف الأسمى الذي نتوخاه من خلال هذه الدراسة المتعلقة بالاتصال والمصطلحات هو وضع اللغة العربية في مكانها الصحيح بها بين لغات وحضارات العالم المتقدم، وضمان حضورها ضمن أكبر أسواق المعلوميات في العالم.
فحاليا يشهد عالمنا نموا هائلاً في مجال توافر موارد المعلومات والمعطيات وتبادلها من جهة، وتطور تكنولوجية المعلوماتيات من جهة أخرى. وأصبحت شبكات الاتصال المعلوماتية (الانترنيت) من الوسائل الضرورية والأساسية للتعامل مع هذا النمو السريع.
فلقد ظهرت خلال السنوات الأخيرة منظومات وشبكات تعتبر بمثابة مسارات لتدفق وتبادل المعلومات بسرعة فائقة، فأصبحت تربط بين الأشخاص في مختلف الدول والقارات وتشمل كل المجالات منها الاقتصادية، الاجتماعية، التجارية، الصناعية والثقافية.
أما العالم العربي، فقد شهد بدوره تطوراً مهما في مجال الدراسات المصطلحية ومعالجتها والتطبيقات العربية المعلوماتية، وذلك بإدخال تقنيات الحاسوب وأدوات برمجية متطورة يمكن من خلالها إنجاز قواعد معطيات على مستوى المصطلحات واستغلالها في مجالات متعددة.
وفي هذا الإطار تم العمل على خلق بنوك للمصطلحات اللغوية يمكن من خلالها خزن هذه المصطلحات ومعالجتها واسترجاعها وإرسالها وتلقيها. والأهمية من استعمال هذه التقنيات الحديثة هي معالجة المصطلح اللغوي العربي وإخراج المعاجم العلمية المتخصصة في كل الميادين.
في هذا الإطار ومن خلال هذه الورقة سنحاول إدراج أهم وسائل الاتصال الحديثة التي يشهدها عالمنا حاليا ودراسة كيفية تكييفها مع بنوك المصطلحات.
2- موجز عن بنية بنك من بنوك المصطلحات
هناك جانبان يتعلقان بالمعطيات اللغوية المرتبطة بالمصطلحات:
- جانب عادي يتعلق بعملية الاقتناء والتخزين ثم استرجاع قوائم مرتبة وخاضعة لمعايير مسبقة، وهذا الجانب يهم كل قواعد المعطيات بغض النظر عن طبيعتها.
- جانب يتعلق بتوفير أدوات علاج المادة اللغوية التي تعتبر أساس وقاعدة المعطيات وأدوات تسهيل عملية البحث عن المصطلح اللائق بمفهوم معين باقتراحها مجموعة كلمات مرشحة للاختيار انطلاقا من جذور وأوزان لها صلة بالمصطلح ثم أدوات استغلال المصطلحات التي يتم ضبطها.
ويتكون النظام من عدة وحدات منها وحدة تحديد صنف الجذر والوزن، وحدة تنفيذ الأوامر المدونة ضمن القواعد، وحدة الاستبدال وتحديد مفتاح القاعدة ووحدة التعديل الإملائي. وتتم عملية البحث عن المصطلحات وإدخالها ضمن قاعدة المصطلحات على مستوى الأدوات الحاسوبية من خلال المراحل التالية:
- البحث عن المصطلحات التي لها صلة بالاهتمام ضمن قاعدة المصطلحات.
- استخلاص قائمة المصطلحات المقترحة انطلاقا من جذور وأوزان لها صلة بالاهتمام.
- الاطلاع على مراجع أخرى غير محسوبة لمحاولة الوصول إلى معلومات قد تفيد الاهتمام.
- درس وتحليل المعلومات التي توصلنا بها خلال المراحل السابقة، ويقوم بهذه العملية متخصصون في علم المصطلحات بالتعاون مع معلوماتيين قصد البت في اختيار المصطلحات اللائقة بالمفاهيم المدروسة.
- تسجيل نتائج المرحلة السابقة ضمن جذيذات مخصصة لهذا الغرض قصد تسهيل عملية الاقتناء والتعديل خلال المراحل الموالية.
- اقتناء المصطلحات والمعلومات المصحوبة قصد إدماجها بعد التصفية والتعديل.
3. تقنيات الاتصال الحديثة، أهميتها وآفاقها
تميزت السنوات الأخيرة بقيام ثورة حقيقية في ميدان الإعلام والاتصال غيرت جذريا الهياكل الاقتصادية وأنماط التنظيم والإنتاج ومناهج العمل والعلاقات الاجتماعية، وظهرت منظومات وبرامج معلوماتية بإمكانها ربط الأشخاص في كل بقاع العالم، كما تطورت أجهزة ونظم تساعد على تحليل وتبسيط المعلومات المعقدة. وفيما يلي ندرج البعض منها:
1.3. الوسائط المتعددة (Multimedia)
استعمل الإنسان منذ القدم، الرموز والاشكال والرسوم للتواصل وشرح المعطيات أو المعلومات التي يصعب التعبير عنها كتابيا (مثلا المعاجم التي تحتوي على شرح المصطلحات عادة بالنص وفي بعض الأحيان، إذا صعب التعبير كتابة، بالرموز أو بالصور والرسوم).
أما حاليا ومع تقدم تكنولوجية الحواسيب والتزايد الرهيب في سرعة التنفيذ وأهمية التخزين أصبح استعمال ومعالجة المعطيات على مختلف أشكالها ممكنا ومتداولا. وهي ما يعرف بالوسائط المتعددة (Multimedia)، التي ساهمت في بلورة وتطوير النظم المعلوماتية المعقدة بإدخال وسائل سمعية بصرية، إذ يمكن إدماج كل أنماط المعطيات سواء أكانت نصا، أم صورة (ثابتة أو متحركة) أم صوتا (في أي نظام أو برنامج).
وبفضل هذه التقنيات يمكننا استعمال ومعالجة نظم ذات معطيات مختلفة المصادر وإدماجها بكل حرية وسهولة في مختلف البرامج، ثم التجاوب الآلي والفعلي مع الحاسوب (Interactivité).
لكن يظل الخزن (المتعلق أساسا بحجم الجذيذات، وسرعة المعالجة) مشكلة تحد من استعمال هذه الوسائل والاستفادة منها بشكل جيد خاصة إذا لم يتوفر الحاسوب المستعمل على السرعة الكافية والمكونات التقنية الخاصة المتكيفة مع الوسائل السمعية البصرية.
فعلى سبيل المثال: إذا أخذنا معلومات واردة على شكل مقطع من فيلم فيديو (video clip) على هيكل ما (NTSC, SECAM, PAL). فإن معالجة هذا المقطع تستلزم إبراز 24 أو 25 أو 30 صورة في الثانية حسب هيكلها. لنفرض أن كل صورة مأخوذة على شكل وحجم معين وبدقة عرض 680×340 "بيكسيل" مثلا. ذلك يتطلب تقريبا حجما يناهز نصف "ميكا بايت". إذا اعتبرنا أن في كل ثانية تعرض 24 صورة فإننا نحصل على 12 ميكابايت تقريبا كحجم إجمالي للثانية وبالتالي فإن الحجم الكافي لخزن 10 ثوانٍ يتطلب 120 ميكابايت.
فالملاحظ هنا أن أحجام الجذيذات المتعلقة بالمعلومات المتعددة الوسائط كبيرة جدا وتتطلب أقراصا صلبة ذات أحجام كبيرة جدا وفي بعض الأحيان غير موجودة تماما.
لذا تم تطوير عدد كبير من أدوات ووسائل تساعد على تصغير أحجام الجذيذات الضخمة بنسبة تتراوح بين (%0 و% 100) فتصبح أصغر حجما وسهلة المعالجة والاستخدام، نذكر على سبيل المثال الجذيذات، على هيكل: (WAV,AVI,BMP,GPJ,GIF) ولكن تقليص أو تصغير أحجام هذه الجذيذات، يؤثر كثيرا على جودة الصورة، إذ كلما قلصنا من حجم الجذيذة بأداة ضغط ك: Mpeg مثلا فإن جودة الصورة، تتأثر بنفس النسبة تقريبا. وفي هذا الإطار، طورت أقراص خاصة يمكنها خزن أحجام كبيرة من المعلومات والمعطيات المتعددة الوسائط نذكر منها تلك التي يمكن أن تختزن أحجاما تفوق 600 ميغابايت والخاصة بخزن المعطيات الصوتية، نذكر مثل:
- أقراص CD-ROM المقروءة برؤوس الليزر.
- الأقراص الصوتية CD-AUDIO.
- أقراص الفيديو الرقمية DVD التي تعتبر من أهم ما توصلت إليه تيكنولوجيا الأقراص
أين تكمن أهمية تقنيات الوسائط المتعددة؟
باستعمال حواسيب ذات سرعة كبيرة وقدرة فائقة على المعالجة، يمكن خزن كميات هائلة من المعلومات المتعددة الوسائط، واستعمالها بكل حرية وسهولة عبر شتى المنظومات المعلوماتية والبرامج الخاصة من جهة، ومن جهة أخرى يمكن تطوير منظومات وبرامج تمنح إمكانية التجاوب مع الآلة بواسطة أسئلة وإجابات واختيارات تتم بين المستعمل والحاسوب.
نص
معطيات عددية
رسـوم
صوت
شريط فيديو
صور
الوسائط المتعددة MULTIMEDIA
شكل1. مكونات الوسائط المتعددة
2.3. شبكة الاتصال "انترنيت" (Internet)
الانترنيت ( INTERNET) كلمة مركبة من بدايتي كلمتين هما: INTER communication أو NET WORK تقنية مطروحة في أسواق الاتصال العالمية، يعتبر شيئا جديدا ومدهشا، له أهداف واستراتيجية بعيدة المدى ونتائج شديدة الأهمية والتنوع وآثار حضارية وثقافية.
تعد شبكة الانترنيت أسرع وسيلة لنقل المعلومات عبر العالم، فهي بمثابة شبكة تواصل عالمية بين ملايين من الحواسيب،تستعمل لغة موحدة تعرف ب TCP/IP.
وتنتقل المعلومات مستعملة الشبكة الهاتفية أو شبكة خاصة بالانترنيت تسمى بالطرق السيارة للمعلومات (Autoroutes de L’information). وتضم نظم معلوماتية غير متجانسة ومرافق مختلفة كالمؤسسات الاقتصادية، الاجتماعية، الثقافية، الحكومية وغير الحكومية، المقاولات والأشخاص وغير ذلك. ويمكننا أن نصنف خدمات الانترنيت إلى أربعة أصناف:
أ- البريد الإلكتروني (E - mail ):
يعتبر البريد الإلكتروني أول خدمة وجدت لمستعملي الشبكة ومن أهم خدمات الانترنيت، فبواسطته يمكن التراسل والتواصل عبر العالم بواسطة الحاسوب وذلك في أقل وقت ممكن وبثمن ضئيل. وكل مستعمل لخدمة البريد الإلكتروني يملك عنوانا إلكترونيا يكون بمثابة عنوانه البريدي الخاص.
كما يمكن استعمال هذه الخدمة للمناقشة وتبادل الآراء والمعلومات بين أعضاء مجموعة من المستعملين للشبكة عبر جميع أقطار العالم. ومن جهة أخرى، يستعمل البريد الإلكتروني لإرسال وتلقي شتى المعلومات على شكل جذيذات وملفات خاصة بها بسهولة وسرعة فائقة. ولدعم البريد الإلكتروني، توجد برامج خاصة بالاتصال عبر الحاسوب نذكر منها ميكروسوفت إمايل Microsoft Email أو Netscape Inbox.
ب- نسيج العنكبوت العالمي(World Wide Web):
يعتبر نسيج العنكبوت العالمي ( " World Wide Web « WWW ») من أهم الخدمات التي تمنحها شبكة الإنترنيت. فعبر هذه الخدمة يمكننا زيارة عدد كبير من أبناك المعلومات والمعطيات عبر العالم، والتي تحتوي على كل ما يمكن أن يتخيله الإنسان من معطيات ومعلومات تشمل جل القطاعات ومختلف الميادين والموضوعات. وتتم زيارة هذه الأبناك عبر محطات النسيج ( Sites Web) ويتم تحديد موقع هذه المحطات بواسطة عنوان يسمى محدد المورد العالمي ( Universal Ressource Locator : URL) وكل محطة تتكون من مجموعة من الصفحات تسمى صفحات النسيج (Pages Web) محتوية على مختلف المعلومات، على شكل نص أو صورة أو مقتطف من فيلم أو صوت إلى غير ذلك.
ويبقى السؤوال المطروح الآن: هل للغة العربية نصيب من هذه التقنية؟ وهل بإمكان المستخدم العربي إنشاء صفحات بالعربية من جهة، واستعراضها والبحث فيها من جهة أخرى شأنها في ذلك شأن اللغة الإنجليزية؟ وهل يمكن ربط هذه التقنية ببنوك المعطيات العربية؟
الجواب: نعم، لقد حقق العالم العربي خطوات مهمة جدا في تطوير البرامج والنظم المعلوماتية لجعل اللغة العربية تتلاءم بشكل كبير مع تقنيات الاتصال كالانترنيت وتتوفر في هذا المجال على حلول لكل بيئات التشغيل. كما تم العمل على تطوير محطات عربية أدمجت في شبكة الإنترنت ويمكن الاطلاع عليها انطلاقا من أي حاسوب مرتبط بالشبكة.
يمنح النسيج إمكانية البحث عن مختلف الوثائق Documents المطلوبة. وذلك بالانتقال من صفحة إلى أخرى عبر روابط فوق نصية Liens Hypertexes تسمى Hyperliens (فوق الروابط) وهذه العملية تعرف بالإبحار Navigation . ولتحقيق عملية الإبحار تستعمل برامج مستعرضة خاصة نذكر منها:
- مستعرض "اكسبلورر" Explorer من شركة ميكروسوفت Microsoft.
- مستعرض" تانغو " TANGOمن شركة "أليس" ALIS".
- مستعرض "نيتسكاب" Netscape من شركة "نتسكايب" .
- مستعرض سندباد من شركة "صخر".
وقد أنتجت نسخة من مستعرض "تانغو" تدعم العربية دون الاحتياج إلى بيئة تشغيل "ويندوز 95" العربية "WINDOWS "، بل يعمل مع أي نظام تشغيل.
أما مستعرض "سندباد" فيعتبر من أهم وأول متصفح عربي يعمل مع Netscape Communicator كما يتوفر على بريد الكتروني يسمح بالتراسل باللغة العربية وقاموس ومدقق إملائي بالإضافة إلى إمكانية التحادث بالعربية.
كل هذه البرامج قادرة على قراءة وثائق HTML (Hyper Text Markup Language)، ويمكنها أداء وظائف أخرى إضافية.
أما فيما يخص لغة HTML، وهي اللغة التي تطور بها صفحات ومحطات الانترنيت Pages et sites Web. وفي أحدث إصدار لها (3.2) لم تكن تدعم اللغة العربية إلا إذا كانت متوفرة على شفرة إضافية للتعامل معها.
ج- المستجدات (News)
تعتبر من أهم خدمات شبكة الانترنيت. تكون من خلالها ملتقيات للنقاش ( Forums de Discussion) حول موضوعات مختلفة. فهي عبارة عن مجموعات مكونة من مستعملي شبكة الانترنيت تناقش عبر الحواسيب موضوعا ما (الرياضيات، المعلوميات، الفيزياء، الكيمياء، الرياضة…) وذلك بتبادل الأفكار والآراء عبر الشبكة.
د- جلب البرامج: أسلوب نقل الملفات ( FTP: File Transfert Protocol)
تعتبر من أهم ما تمنحه شبكة الانترنيت من خدمات، فبواسطتها يمكننا الحصول على بعض البرامج والوثائق التي تمنحها الانترنيت أو التي تضعها بعض الشركات أو المؤسسات رهن إشارة المستعملين وبالخصوص أحدث البرامج المعلوماتية المجانية أو الموضوعة قصد الإشهار.
فالملاحظ، من خلال ما ذكر، أن شبكة الانترنيت تمنح خدمات عديدة جدا ومتنوعة. بها يمكن استيراد أو تصدير المعطيات من وإلى مختلف المحطات والبنوك سواء كانت هذه المعطيات نصا، صورة (ثابثة أو متحركة ) أو صوتا.
وكما ذكرنا سابقا رغم البرامج الموجودة وأدوات التقليص من حجم الصيغ وهياكل المعلومات السمعية البصرية، تبقى مشكلة الانترنيت هي استيراد وتصدير هذه المعلومات وخصوصا عندما تبعد المسافة (مثلا بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية) وتقل سرعة الجهاز الرابط مع الشبكة (Modem).
وهنا مع الأسف لا يمكننا إرسال أو استيراد معطيات ، على شكل صور وخصوصا المتحركة منها ذات الحجم الكبير، بسهولة وهذا يفسح المجال لتقنيات أقراص CD-ROM.
3.3. أقراص (CD-ROM)
تعتبر أقراص CD-ROM من أهم ما وصلت إليه تكنولوجية الحاسوب، إذ بفضلها يمكننا خزن كميات كبيرة جدا من المعلومات، ويمكننا برمجة وإنجاز أبناك معلوماتية متوفرة على معطيات متعددة سمعية بصرية ونظم خاصة حديثة.
4. تكييف بنوك المصطلحات مع وسائل الاتصال الحديثة.
من أجل مسايرة التطورات التقنية المعلوماتية التي أصبحت تشكل ثورة حقيقية في إرسال وإنتاج وتدبير بنوك المعطيات (كبنك المصطلحات)، سنحاول إدراج أنجع الوسائل لتكييف بنيات هذه البنوك وبرامج تدبيرها مع تقنيات الاتصال الحديثة التي سبق ذكرها.
1.4. مع الوسائط المتعددة.
من أهم ما يمكن أن يساهم في تطوير ودعم البرامج والنظم المعلوماتية، هو إدخال التقنيات المتعددة الوسائط في شرح وتفسير المصطلحات اللغوية كما هو الشأن في المعاجم، إذ يمكننا في حالة ما إذا صعب شرح أو تفسير الكلمة، إدراج صورة ثابتة أو متحركة أو مقطع من فيلم مصور أو صوت يساعد على تقريب الفهم. وفي هذا الإطار، يجب الإشارة إلى أنه رغم الحواسيب الكبيرة السرعة، تتزايد مهام هذه الأجهزة أكثر فأكثر مثل المعالجة المباشرة traitement on-line للمعاملات والتحكم بملفات الفيديو streaming vidéo لأغراض تطبيقات الوسائط المتعددة.
ومع نمو شبكات الانترنيت أصبحت إدارة التدفق الهائل للمعلومات صعبة جدا، وهذا ما يعرقل سرعة الخادمات Servers وخاصة إذا لم تصمم هيكلتها للتعامل مع التدفق الكبير للمعطيات. ولذلك طورت ملحقات Peripheriques تضاف إلى الخادمات لتعزيز هذه الخدمة كالمعالجة المتعددة المتناظرة SMP.
2.4. مع شبكة الانترنيت
تبقى شبكة الانترنيت ثورة عظيمة في عالم التكنولوجيا الحديثة، لما نتج عنها من تقدم هائل في ميدان الاتصال.
بفضل جهود الانترنيت والمختصين العرب والمؤسسات المعلوماتية العربية للنهوض برفع مستوى اللغة العربية من خلال تطوير برامج ونظم خاصة بها، أصبح من الممكن إنشاء صفحات مرجعية بالعربية واستعراضها والبحث فيها، كما هو الشأن بالنسبة للغات الأخرى: الفرنسية والإنجليزية مثلا.
استعمال بنوك المصطلحات في بلورة البحث عبر الانترنيت.
كيف إذا يمكن ربط وتكييف بنك المصطلحات مع شبكة الانترنيت؟
للجواب عن هذا السؤال، لا بد من استعراض بعض الوسائل المعلوماتية المستعملة للبحث عبر شبكة الانترنيت ومنها وسائل البحث Search Engine ذات إمكانات عالية تساعد على البحث والوصول إلى مواقع المعلومات المطلوبة.
ومن أبرز هذه الوسائل نذكر:
Magellan, Excite, Altavista, Infoseek, Yahool، نظام البحث العربي " الادريسي" وبرنامج "Search Expert" وبرنامج "تكست فايندر Text Finder".
كما يمكن برمجة محطات وصفحات خاصة بالبحث عن مختلف المعلومات وذلك باعتماد وسائل وأدوات خاصة ك :VBScript أو جافا سكريبت Java Script.
وتتميز تقنية البحث في النصوص العربية بالعديد من الإمكانات منها:
- استخدام تقنية الاتصال المفتوح بقواعد البيانات ODBC التي تمكن المستعمل من البحث مباشرة عن عناصر معلومات سبق بناؤها في قواعد مختلفة.
- يتصل البرنامج بالعديد من نظم إدارة قواعد البيانات المعروفة مثلا (:Dbase SQL,Dracle,).
- ربط عناصر المعلومات الموجودة داخل النصوص العربية بغيرها مثل الجداول، الصور، الصوت والرسوم.
- اعتماد تقنية Client-Server التي تمكن من البحث عن عناصر المعلومات المحفوظة سواء في الحاسوب الشخصي Client أو في حاسوب رئيسي آخر يتصل بالشبكة Server.
أما فيما يخص برمجة وتطوير نظم وبنوك المعطيات فيمكن استعمال قواعد البيانات "انفورميكس" Informix أو "أوراكل" Oracle، ويجدر الذكر في هذا المجال بان "انفورميكس" في إصدارها الأخير يمكنها التعامل مع اللغة العربية وذلك بتطوير ملحقات تمكن من إدارة البيانات المعقدة ك: Arabic Text.
وفيما يلي ندرج بعض البرامج التي يمكن استعمالها للربط بين الانترنيت وبنوك المعطيات.
- لغة "جافا JAVA" (برنامج ++j) التي تعتبر أول لغة برمجة تستعمل معيار يونيكود Unicode كنمط البيانات الأساسي، والعمل متواصل في هذا الميدان لاحتضان اللغة العربية.
- "فرونت باج" "Front Page" لشركة ميكروسوفت، ويعتبر من أهم برامج تطوير صفحات الانترنيت.
- برنامج "ناشرنت" لشركة صخر الذي يعتبر أول برنامج لتحرير صفحات الانترنيت باللغة العربية، فهو قوي وسهل الاستخدام يدعم خصوصيات اللغة العربية ويبرز جمالها وأصالتها، ثنائي اللغة (عربي/إنجليزي) يحتوي على العديد من الإمكانات التي تجعل من صفحات الشبكة شيئا يدعم لغة "HTML" بشكل جيد كما يحتوي على مدقق إملائي وقاموس (عربي/إنجليزي ) و(إنجليزي/ عربي) ويستخدم عدداً كبيراً من جواهر الخطوط العربية.
وخلاصة الأمر: تعتبر الانترنيت مخزن مهم جدا للمعلومات والمعطيات المتعددة الأشكال والاتجاهات، والطريقة السهلة التي يمكن من خلالها للمستعمل الاستفادة الكاملة من هذا الحجم الكبير من المعلومات هي استعماله للغته الأصلية، وبالتالي يتم إدخال النص باللغة الأصلية في أداة البحث العربية، فتتم ترجمته آليا إلى مختلف اللغات وذلك باستثمار تقنيات الترجمة الآلية والنظم الخاصة ببنوك المصطلحات ومعالجة اللغات الطبيعية (العربية، الإنجليزية،…) وهذا يكون أول ربط لبنوك المصطلحات مع الانترنيت.
وهكذا يمكن ترجمة الاستعلام إلى لغات اخرى والعودة بنتائج المطابقة في تلك اللغات. فربط بنوك المصطلحات بالانترنيت (وذلك بتعيين مواقعها وإدماجها في أدوات البحث المعروفة عالميا) يترك الحرية التامة للمستعمل لاختيار اللغة التي تناسبه بالطبع.
ومن أجل إعطاء اللغة العربية المكان اللائق بها لابد من العمل على دعم هذه الوسائل للغتنا تماما كما هو الشأن بالنسبة للإنجليزية أو الفرنسية. وهدفنا في هذا المجال طبعا هو العمل الدؤوب وتطوير البرامج المعتمدة للغة العربية وجعلها على قدم المساواة مع اللغات الأخرى. فتصورنا في هذا الميدان أنه بإمكاننا إرسال رسالة باللغة العربية مثلا من المغرب ثم يتلقاها أصدقاؤنا بفرنسا باللغة الفرنسية وبإنجلترا باللغة الإنجليزية إلى غير ذلك.
استعمال الانترنيت في تطوير وبلورة بنوك المصطلحات.
كان اقتراحنا يكمن في تكييف بنوك المصطلحات مع شبكة الانترنيت أي حين يتم البحث عبر صفحات الشبكة. أما إذا كنا في إطار تطوير بنك من بنوك المصطلحات، فيمكن استعمال شبكة الانترنيت للاتصال ببنوك أخرى الموجودة عبر بقاع العالم أو الاتصال بخادم Serveur بعيد موجود في مكان آخر ثم القيام بعملية البحث واقتناء المعلومات المطلوبة، وبعد ذلك نرجع إلى نظامنا السابق ومتابعة عملنا.
ومن ناحية أخرى يمكن استعمال هذه الشبكة للربط بين مختلف بنوك المعلومات الموجودة عبر العالم العربي بالخصوص وذلك لتقييم وبلورة المصطلح العربي وتبادل المعلومات بين المختصين، وربما يتم تطوير بنك عربي للمصطلحات موحد شامل جامع يضم جل الكلمات العربية. ويتم الاستفادة من تجارب الكل في هذا الميدان. ولهذا نقترح في هذه الورقة خلق وتطوير ملتقى عربي للنقاش Forum de discussion خاص بالمصطلح العربي تتم من خلاله المناقشة والحوار حول هذا الموضوع لاستخلاص وجهات نظر كل المتخصصين اللغويين.
كم يمكن استعمال البريد الإلكتروني لتبادل الآراء المتعلقة بالمصطلح العربي وذلك بإرسال أو تلقي الرسائل المتعلقة بهذا الموضوع.
الواقع الافتراضي (Virtual Reality)
كما سبق ذكره، بواسطة لغة HTML يمكننا الاطلاع على مختلف المعلومات بواسطة مستعرض كالسندباد مثلا عن طريق الإبحار عبر المحطات والصفحات من معلومة إلى أخرى وعلى مختلف أشكالها.
أما إذا أردنا إظهار البعد الثالث (D3) في منظوماتنا وبرامجنا، فيجب استعمال تقنية تمكن من إظهار وتحديد الأبعاد المكانية والزمنية وهي ما يعرف بالواقع الافتراضي Réalité virtuelle.
فما هو الواقع الافتراضي إذا؟
يمكن تعريفه كوسيلة حديثة لاقتناء المعلومات عبر عوالم افتراضية Espaces virtuels تتم برمجتها تبعا لتقنيات محددة يمكن من خلالها زيارة بنوك معطيات أو محطات بالحاسوب وكأنها زيارة حقيقية. ويصحبها تجاوب تام بين الإنسان والآلة.
وبرمجة هذه النظم في شبكة الانترنيت تتم بواسطة لغة تسمى VRLM: Virtual Reality Modelling Languge. وتستعمل لغة أكثر تعقيدا وتقنية من (TCP/IP) للتواصل. أما استعراض هذه العوالم الافتراضية فيستلزم استعمال مستعرض خاص مثلاً : "نتسكايب" بإضافة شفرة إضافية خاصة تسمى D3 Live.
إذا، لم لا نستعمل هذه التقنية المتقدمة جدا لزيارة معالمنا التاريخية والحضارية واللغوية على الأقل عبر شبكة الانترنيت وجعلها في متناول الجميع، خاصة وأن عالمنا العربي يزخر بمعطيات عربية أصيلة.
ولهذا الغرض علينا خلق وتطوير عوالم افتراضية عربية خاصة بثقافتنا وحضارتنا وجعلها في متناول جميع مستعملي الانترنيت ووسائل الاتصال الحديثة.
وهذه بعض البرامج التي يمكن استعمالها لتطوير العوالم الافتراضية:
Vistapro, 3D Studio , Softimage, Virtual Reality Studio.
5. خاتمة
رغم التقدم الهائل الحاصل في ميدان الاتصالات الحديثة والتطور المتواصل لدعمها للغة العربية فإن الأمر يرجع أولاً وأخيراً إلى دراسة اللغة دراسة معمقة وتحليلها تحليلاً عميقا بنحوها وصرفها وما اتفق عليه من أساليب كتابة أو لفظ.
ويأتي بعد ذلك دور البرمجة وتطوير النظم الخاصة باللغة العربية نذكر مثلاً :
- الترجمة الآلية.
- تشكيل النصوص.
- التدقيق الإملائي.
- التعرف الضوئي على الحروف المطبوعة أو اليدوية، إلى غير ذلك من التطبيقات. وهكذا نكون قد ساهمنا في الرفع من مستوى لغتنا العربية وجعلها في المكان المرموق اللائق بها بين اللغات الحية.
مراجـــع
1- أعمال مؤتمر التعريب السابع لإقرار مشاريع المعاجم ونظم الكتابة العربية العلمية، الخرطوم، 1994.
2- أدوات معلوماتية لتدبير واستغلال قواعد المعطيات المعجمية، مشروع نهاية الدراسة، إعداد الطالبين: إسماعيلي عبد الرحمان والهواري إدريس، تحت إشراف الأستاذ يحيى هلال، 1996/1995.
3- تطوير قواعد المعلومات الخاصة بالبورصة الوطنية للمناولة والشراكة المغربية وربطها بشبكة الانترنيت، معتمد من طرف المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، الدكتور المصطفى بودي، 1997.
4- 3 D Studio Max كتاب تطبيقي.
5- المنهل (قاموس فرنسي- عربي)، الدكتور سهيل إدريس والدكتور جبور عبد النور، 1983.
6- مجلة الانترنيت ، العدد الرابع.
7- مجلة البايت Byte، نوفمبر 1997.
(*) المدرسة المحمدية للمهندسين / الرباط
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق